جدران اليمن لها لون آخر!



لم نر سوى اللون الأحمر طوال العام الماضي ، حتى حين كنا نحاول الابتعاد عن ذاك اللون الذي ارتبط لدينا بالألم - لا بالحب كسائر أنحاء العالم- كنا نجد أمامنا اما اللون الأخضر الداكن للأمن المركزي أو البرتقالي الداكن للفرقة الأولى مدرع ..

 كهذا ظلت أرواحنا محصورة بين ألوان وأطياف محددة، ومهما حاولت الابتعاد عنها لا تجد أمامك الا من يزيدها قتامة ووحشة، حتى جاء من يلون جدران شوارعنا بألوان لم نعتدها ، بألوان أكثر مرحاً وتألقاً.


تقرير - رغدة جمال
 الخميس 05 إبريل-نيسان 2012
 صحيفة الجمهورية
 

أطلق الفنان التشكيلي مراد سبيع مبادرة لون جدارشارعك في الخامس عشر من شهر مارس الماضي ليبدأ في ذلك اليوم تحديداً الرسم على جدارمؤسسة الأشغال والطرق ما بين جولة الكهرباء وجسر كنتاكي .

طوال المدة الماضية اعتاد سبيع أن يتمنى على صفحته في الموقع الاجتماعي (فيسبوك) أن تكون شوارعنا مليئه بالحياة، وكان يشارك كجزء من هذا التمني بنشربعض رسومات اصدقائه الفنانين من مختلف بلدان العالم على صفحته. حتى جاءته فكرة مبادرة لون جدار شارعك ؛ والذي يقول عنها سبيع: أن الوقت قد حان ليتدخل شيء جميل على أرض الوطن الا وهو الفن.



تعّبر الناشطة هند نصيري عن حماسها لفكرة المبادرة جدا، كونها فكرة مختلفة وبذات الوقت تصب في نفس الاتجاه التي تهتم به. تضيف نصيري: انها ترى أن اهم ما يميز مبادرة لون شارعك انها تكسر حاجز الخوف عبر اللون ولأنها خروج عن اطار الساحة والثورة لنشر السلام في كل المناطق الي تضررت بما حدث العام الماضي.
 

وكأحد الأمثلة لتحويل الدمار الى قطعة من الألوان؛ قامت الناشطة سارة جمال وزملاؤها بالرسم حول إحدى الفجوات التي خلفتها قذيفة في أحد جدارن شارع الزراعة، ليحولوا بذلك أثر فجوة القذيفة الى منتصف رسم وردة.. هكذا بمجرد ريشة وعدة ألوان استطاعوا تحويل رمز للخراب بآخر يرمز لذائقة رفيعة في اخفاء جروح الروح .
 

يقول سبيع رداً على حماس الشباب وخروجهم معه كل يوم خميس لتلوين جدارن الشوارع اليمنية، “انه لشعور رائع بأن اجد هذه الحفاوة والانسجام مع الفكرة و أتمنى أن تعمم هذه الفكرة في جميع المدن اليمنية.” وهو ما حدث بالفعل، فقد أثارت المبادرة اهتمام الشباب في بقية المحافظات ، وعليه بدأت في محافظة تعز فعاليات مشروع (تعــــــــــز ألــــــوان الحياة ) بقيادة الفنان مأمون المقطري.


سحر عبدالله احدى الناشطات الشباب وعضو حملة النساء الدولية عبرت عن مدى فخرها وسعادتها بمثل كهذا مبادرة فنية راقية المستوى وفريدة من نوعها حد قولها. مضيفة أن سبيع شخصية متواضعة وطموحة للغاية وهو ما مكنه من طرح هكذا فكرة ومواصلة إيمانه بها. وأكدت على حضورها كافة الزيارات الميدانية واستمتاعها حد الفرح بمشاركتهم هذا الابداع .
 

وحول هذه الحملة يقول الرسام وفنان الجرافيكس عدنان جمّن“ هذا مشروع حضاري وجميل .. وخطوة في طريق الألف ميل لتحسين صورة شوارعنا التي انتهكتها وأنهكتها شعارات وسباب المتخاصمين سياسياً.. ما أجمل أن يسود الفن جدران شوارعنا، و ما أقبح السياسة وهي تأكل الأخضر واليابس.. فليطلق الشباب العنان لألوانهم وليشيعوا الحياة من حولنا بالفن الجميل.. هذه حملة لإعادة البسمة إلى شوارعنا.. كم سعدت بها”.
 

وفي نفس السياق تقول الفنانة التشكيلية آمنة النصيري “ التجربة في حد ذاتها رائعة في اليمن لها أهمية بالغة كونها غير متداولة في الشارع المحلي، وفنون الشارع تكاد تكون غير مألوفة لدينا، بينما هي أحد أشكال التعبير الهامة في العالم، وغالبا هي مؤشر على اتجاهات الشباب وتمردهم، وحالة من الاعتراض ومن الجمال بحسب رؤية الفنان الشاب مراد، ويملك رؤية، ولازال يعمل على نفسه لكنه سيتطور سريعا لأنه يحب الفن، ولديه كما ذكرت رؤية نابعة من قراءات جيدة، أنصحه بممارسة أكبر للفن وأن لا يدع الحياة وانشغالاتها تأخذه بعيدا , فالفن يقتضي التضحية غالبا، وأثق أن لمراد مستقبلاً في الفن عموما، نسيت أن أقول: أن الشارع اليمني فقير من اللون , و ما يقوم به الشباب مهم , وهنا لا أهمية لتقييم مستوى الأعمال، ففن الشارع الذي نسميه جرافيتي , يتسم بالحرية وبالمغامرة , و بإمكان كل من يحب اللون أن يعبر كيفما شاء

بدأ مراد العام الماضي تحديداً بداية أيام الثورة برسم جملة ترحيبية عند مدخل ساحة التغيير راسماً “مرحبا بكم في... “ الا انه لم يكمل الجملة قط لأن البخاخ انتهى يومها، وأخشى أن تتوقف فكرته الملهمة هذه المرة نتيجة نقص الألوان والبخاخات، فكما هو معروف أن مبدعينا كُتب عليهم الابداع بدون دعم وبدون تقدير يوازي قيمة الانجاز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق