حرمة المقري !



كتبت رغدة جال
22 سبتمبر 2012
صحيفة الأولى


في روايته الثالثة "حُرمة" حاول الكاتب علي المقري الحديث عن عالم "الحُرمة اليمنية" بعد أن كشف لنا عالم "المهمشين" في روايته الأولى "طعم أسود.. رائحة سوداء" وقدم لنا معاناة يهود اليمن في روايته الثانية " اليهودي الحالي".

يقدم المقري في روايته"حُرمه" قصة أسرة مكونة من أختين؛ الأخت الأولى يقدمها بصورة "العاهرة" والمتجردة من أي مبادئ وقيم أخلاقية، والثانية يقدمها بصورة "المتدينة" التي تعاني من كبت جنسي، جعلها تقفز على تدينها لتبحث عن لحظة لذة لم تجدها مع زوجها العاجز..!
أقتصر المقري في تقديمه للمرأة اليمنية في روايته بهكذا نموذجين سلبيين؛ وبخلاف نموذج "العاهرة" الذي يتواجد في أي مجتمع " مكبوت" والسطحي في سياقه الروائي؛ نجد نموذج" المتدينة" - بطلة الرواية- الشخصية الوحيدة التي كادت أن تكون الأقوى في بناء شخصيات الرواية وسياقها في ثلثي الرواية الأول، فنرى "حُرمة المقري" مشوشة نتيجة تربية خاطئة ورفقة شقيقة "منحرفة"، ولأنها درست بالمعهد الإسلامي- تلك البيئة المتطرفة جداً- استطاعت أن ثبتت على مبادئها وتتجاوز تلك الرفقة مع شقيقتها، لكنها في ذات الوقت، تقبلت تصرفات شقيقتها المناقضة لها تماما!

يبدأ إنهيار شخصية "البطلة" حين تتزوج من شيخ دين "عاجز جنسيا"، فنراها برغم كل الشهوة الجنسية التي تسيطر على تفكيرها، وهو ما ورثته لها شقيقتها؛ تقرر البقاء مع زوجها، ليسافرا معاً للجهاد في افغانستان..!

ثلثي رواية المقري؛ سردت تفاصيل شهوات جنسية ليس لها أي مبرر أدبي ولا تؤثر في مسار ورتم الرواية، وتم إختصار تجربة المرأة المجاهدة في السودان ومصر وافغانستان في اقل من ثلث الرواية، وهو الجزء الذي كان من المفترض أن يعطيه الراوي مساحة أكبر ويقدم نموذج "الحرمة" فيه بشكل أوسع..!
هكذا اختصرت الرواية في تقديم شخصيات هزيلة وسطحية جدا لزوجات المجاهدين اللاتي يصورهن المقري بأنهن يبتهجن إذا ما تم اغتصابهن هناك!! وكأن الرواية لم تكتفي بتشويه صورة زوجات رجال الدين، فقام المؤلف بتقديم صورة رجال الدين أيضا كنماذج مشوهة، فأثنين منهم "عاجزين" فيما ظهر الثالث كمدرس شهواني..!

الرواية كان من المفترض أن تقدم حال واقع المرأة اليمنية، كما تم تقديم واقع المهمشين واليهود في اليمن من قِبل الكاتب، لكن للأسف ظُلمت المرأة اليمنية بتقديمها ككائن مشوه لا يثيره سوى شهوات مريضة..!
المرأة اليمنية وجب أن تقدم بصفتها الكادحة والشريفة التي تعمل من أجل قوت ابنائها في القرى والمدن، المرأة التي لا تفرط بشرفها وإن ماتت جوعا أومرضا، المرأة التي ظلمها المجتمع بتزويجها وبتحميلها المسئولية مبكراً ورغم ذلك ما زالت تكافح وسط مجتمع ذكوري ..!

ربما كان سرد رجل لمشاعر امرأة، أو كتابته لرواية بلسان حال امرأة؛ هو الخلل الذي جعل من السهل على اي امرأة أن تدرك أن ما تمثله شخصية بطلة رواية "حُرمة" لا تمثل منطقا في كيفية تفكير المرأة اليمنية..

قد تكون حاولت إنصاف المهمشين يا علي، وقد تكون أنصفت اليهود، لكنك بالتأكيد ظلمت المرأة اليمنية كثيراً..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق