خطاب الملك


خطاب الملك

كتابة : ديفيد فاركير
ترجمة : رغدة جمال
الثلاثاء 08 فبراير-شباط 2011
صحيفة الجمهورية


لحظتي المفضلة في فيلم ( خطاب الملك) هي لحظة وُئدت قبل ان تولد.
دوك يورك ( والذي سيصبح لاحقاً الملك جورج السادس) يعاني من مشكلة التلعثم في الكلام منذ سنواته المبكرة، لذا يتدرب مع مدرب الإلقاء الاسترالي (ليونيل لوج) في بيت الأخير. (لوج) لم يخبر عائلته المتوسطة الطبقة انه يدرب احد أفراد العائلة المالكة، لذا حين عادت زوجته و وجدت دوقة يورك ( والتي ستصبح لاحقا الملكة اليزبيث) جالسة على مائدة الطعام، وقفت عاجزة عن الكلام من اثر المفاجأة. بعد أن خفت صدمتها توجهت للدوقة بالسؤال إن كانت ترغب هي وزوجها الدوق بتناول العشاء المعد في منزلها. بالطبع توقعنا رد فعل ايجابي من قبل الدوقة و بالتالي متابعة مشهد عشاء لزوجين تفرقهما الطبقة الاجتماعية و يجمعهما بعض اللحم! بدلاً عن ذلك ردت الدوقة سريعاً بأن لديهم ارتباط سابق.
تمنيت أن أشاهد من مخرج هذا الفيلم -الذي يلفت انتباه المشاهد- أن يتوجه نحو لحظات خارج إطار المألوف كي يبقى الفيلم في ذاكرة المشاهد.
(خطاب الملك) فيلم آمن للغاية يفتقر إلى السخرية اللاذعة ، والى السياق التاريخي الذي قدمه (ستيفن فريزر) في فيلم (الملكة)، فالأول إنما  يداعب حنين الجمهور للطبقة الارستقراطية في الأيام الغابرة للمجتمع الانجليزي.
العلاقة بين الطالب والمدرس -على طول المسار- تتطور تطوراً تقليدياً ضاربة بعرض الحائط كل التوقعات، بالإضافة إلى أنها انتقلت بشكل كبير من المحتوى الاجتماعي والثقافي. تحديداً في ذروة الفيلم ، عندما قدم (جورج السادس) خطابه الشهير أثناء الحرب العالمية الثانية الذي اعتبره نصراً شخصياً له ضد مشكلته أكثر من كونه خطاباً تاريخياً لحالة حرب.
هذا الافتقار التاريخي يفقد الفيلم و شخصياته العمق الموجود في فيلم (الملكة) ، ولم يكن هذا ليسبب مشكلة لو أن (هوبر) قدم طاقة اكبر لمحور الأحداث. ففي التعامل بشكل واسع مع سلسلة من الاختلافات بين شخصيتين مثل (جورج) و (لوج) ، لم يستطع (هوبر) إيجاد الوسائل البصرية لتجنب الانفلاتات التي حدثت . فقد وظف عدسات حوض الأسماك – عدسات سميكة تجعل الروية السينمائية مقعرة-  و خلفيات لافتة للنظر أثناء تواجد الشخصيات  (مثل ألوان ورق الجدران في مكتب لوج)  أو المؤثرات الصغيرة في مساحات داخلية واسعة، ولكن هذه الخيارات الأسلوبية تعود إلى تغيرات في الأسلوب المتبع بدلاً عن الاستجابات البديهية لهذه المادة.
و بالرغم من هذا، فقد تفوق (هوبر) واستطاع الفيلم تحقيق طاقة جمة بممثليه الأساسيين. فنستطيع القول: أن (كولن فيرث) - والذي لعب دور (جورج) – ومعالجه (جيفري راش) قدما أداء ممتازاً. فمن كان يعتقد أن التناغم بين (فيرث)- مع الحد الأدنى من أدائه التمثيلي- و (راش) - مع أدائه الأكثر لمعاناً- سيكون مبهجاً لهذه الدرجة؟ و الفيلم يبدو في أفضل مشاهده حين يتطرق إلى اختلاف شخصياتهم الناتجة من اختلاف طبقاتهم الاجتماعية.
للأسف،  الممثلة (هيلينا بونهام كارتر) بالغت في لهجتها الملكية وأدائها كإليزابيث، لكن بكل الأحوال مثل كل الأفلام التي أصبحنا نراها هذه الأيام والتي تقوم على مبدأ الترابط الرجولي، فنجد (إليزابيث) و (ميرتل) – زوجة (راش) التي تقوم بأداء دورها (جينفراهل)- مهمشات جداً، بقصد أو بدون قصد . و كأن تواجدهن في الفيلم فقط ما هو إلا لإثبات أن الرجال العظماء طبيعيون ومتزوجون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق