المصور وديع الشيباني لـ ( الأولى ) :



دمي ليس أغلى من دماء الشهداء

وديع الشيباني شاب من تعز؛ ناشط في مجال الإعلام والرصد الحقوقي. وفي ساحة الحرية بتعز، عرف طريقه الى فن التصوير، خصوصا بعد المحرقة التي تعرضت لها الساحة أواخر مايو الماضي. قبل المحرقة اعتاد وديع تصوير زملائه من الجرحى والشهداء، الا أن المحرقة مثلت حدثا فارقا في تاريخه كمصور، و الذي قرر من بعدها أن واجبه يحتم عليه  تصوير كل ما يحدث في الساحة والمدينة من مسيرات ومظاهرات وكل حدث سواء كان صغيرا أو كبيرا إيمانا منه بأهمية توثيق ما يحدث لهذه المدينة المفصلية في الثورة الشعبية .
صحيفة الاولى التقت بالمصور الشاب وديع الشيباني اثناء زيارته لساحة التغيير بصنعاء وكان هذا الحوار :
حاورته/ رغدة جمال
22 ديسمبر 2011



      -  كيف ترى الثورة اليمنية؟
ثورتنا الى هذه اللحظة ثورة ناجحة، كثيرون منا كسروا حاجز الخوف بحيث تجمعنا كلنا على هدف واحد . صحيح أن هناك عوائق أعاقت طريقنا مثل وجود الاحزاب السياسية وكنت أتمنى من الشباب المنتمين الى تلك الأحزاب، أن يثوروا على أحزابهم، لأن الأحزاب هم ببساطة مجرد مراة للنظام.
     -   كأنسان،، هل غيرتك هذه الثورة ؟كثيرا.. قبل أن أخرج للثورة ؛ ثرت على نفسي أولا ، كنت شخصا سلبيا واسكت عند روية الظلم . إلا أني الان لا أقبل أن يظلمني أي أحد كان ولا أسمح لاي كان ان يقيد حريتي، وهذا يكفيني من الثورة .. لا خوف بعد اليوم.
   -   كيف قادتك الثورة الى التصوير ؟
لم أكن أهوى التصوير قبل الثورة .. إلا أني شعرت أن تعز مهضومة إعلاميا، لذا حاولت ان أرصد وأوصل أصواتنا عبر الصورة ووسائل الإعلام الجديد من توتير وفيس بوك ويوتيوب.
ومن خلال صحيفتكم أود أن ألوم القنوات الإخبارية، بما فيها الجزيرة على تجاهل أحداث تعز، حتى قناة سهيل لم أعد أطلق عليها سوى وصف قناة الحصبة لشدة تركيز عملها الاعلامي على الحصبة فقط ، أما في تعز فلا يوجد لها اي دور هناك.  حتى بقية القنوات تتجاهل تعز ، كل على حسب سياسته .

- ما الشعور الذي يخالجك لحظة التقاط  صور شباب الثورة؟؟ أفتخر بهم .. فهم يهتفون بذات المطلب الذي أريده. لذا أحاول أن أوّصل مطلبهم عبر الصورة التي التقطها.
  -  الا تشعر بمدى خطورة ما تقوم به ..خصوصا تصوير المظاهرات؟صحيح يوجد خطر ، الا أن دمي ليس أغلى من دماء الشهداء.
     -  وديع أنت أحد جرحى الثورة السلمية ،، حدثني عن الاصابة التي حدثت لك.
في يوم المجزرة الدامية التي حدثت يوم الثلاثاء على تعز، تحديدا في جولة حوض الأشراف،  كنت احاول أوثق الإنتهاكات التي تحدث، ومن السبب  وراءها. كنت أركز على أسطح المباني الموجودة هناك وحاولت أن التقط صورا للقناصة الذي يملؤون الاسطح ، لاحظت حينها أن أحدهم كان يتحدث بالتلفون؛ وحين كنت احاول التقاط ذلك القناص تفاجأنا انا والمصلين في حوض الأشراف بإقتحام سيارة رش مياة تدفعنا بعيدا ..
المياة التي كانت تقذفنا بها السيارة كانت ممزوجة بمادة غريبة أثرت على عينيّ بشكل مباشر، لدرجة اني لم أعد استطيع تمييز إن كانت السيارة أمامي أم خلفي.  وكنت بمجرد أن أقف أجد نفسي أسقط مرة أخرى.  حتى أنقذتني إحدى النساء هناك فسحبتني الى أحد الشباب الذي حملني الى المستشفى . هناك استيقظت وقد فقدت كل محتوياتي الشخصية بما فيها الكاميرا بسبب قوة اندفاع المياه.

      -  بماذا شعرت لحظتها ؟لحظة الحادث نفسه لم أشعر بأي شيء؛ فقط لا شعور.. لكني عندما فقت في المستشفى تمنيت الشهادة .

 - هل حدث أن شعرت ذات مرة بإنبهار بحدث ما استطعت تجميده من خلال عدستك ؟
 نعم،  وهو أروع موقف عشته في حياتي؛  كنا ذات مرة في إحدى المسيرات، وكانت سيارة رش المياة تدفع مياهها بإتجاه إحدى الفتيات، وبدلا من أن تهرب الفتاة ، ظلت ممسكة بالحجر في يدها وتصرخ " حرية " بدون خوف او تراجع بالرغم من المياه والرصاص حولها.
تلك الشجاعة التي اتسمت بها تلك الفتاة جعلتني أشعر اني أعيش في عالم اخر.

- للنساء في تعز مواقف أكثر من رائعة ، حدثني عن موقف لن تستطيع نسيانه.

ذات مرة قررت نساء تعز الخروج في مسيرة نسائية، و قررت انا والاخ عبدالكريم العواضي من الصفحة الرسمية لتعز تغطية المسيرة . بمجرد وصولنا أوقفنا عاقل الحارة وبدأ يهددنا بالسلاح كوننا الرجلين الوحيدين في المسيرة، وبل حاول منعنا من التصوير؛ فقمنا باعطاء كاميرتنا للنساء للتصوير، وبالرغم من ذلك قام البلاطجة برمينا بالحجارة.  حينها قامت النساء بالإحاطة بنا  كحلقة حتى لا يتم إستهدافنا .. لله درهن نساء تعز ؛ إنهن تاج على رأسي.

-  الى هذه اللحظة .. ما أكثر صورة تفتخر انك وثقتها لتاريخ الثورة اليمنية ؟
صورة الفتاة الشجاعة التي سبق وحدثتك عنها .. وايضا صورة أخت الشهيد التي كتبت بدم أخيها على جدارن المنزل "ليحاكم السفاح". كنت أصورها وانا أبكي وهي تقول لي بحدة: " لا بكاء بعد اليوم أخي شهيد ويجب أن نفرح به" .  وهذا أحد أصعب المواقف الذي صورته خلال مدة هذه الثورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق