مصور الثورة محمد العماد :



خرجنا معاً للثورة ولا يمكن أن نستغني عن بعضنا البعض



مصورو الثورة الشباب يطلقون عليه صفة (الاستاذ)، وشباب الثورة يصفونه بـ (أحسن مصور). ومنذ أن بدأت سلسلة لقاءات مصوري الثورة على صفحات صحيفة (الأولى) والجميع يسأل عن توقيت مقابلة محمد العماد، ذلك لأن محمد لا يرد دعوة أي شخص يدعوه لتصوير أي فعالية تُقام في الساحة، وما أن ينتهي من التصوير يسرع الى أقرب مقهى نت أو خيمة لزملائه ليقوم بتحميل صور ذلك اليوم عبر صفحته في موقع (فيسبوك) وهكذا دواليك ..
الشي الذي لا يعلمه أحد، أن محمد العماد الذي إعتاد التصوير يومياً في ساحة التغيير منذ ما يقارب العام لا يمتلك كاميرا! 
كل هذا الجهد الجبار والأرشيف الذي يبلغ الاف الصور بمساحة تقارب الـ 850 جيجا، ناتج عن عزيمة وإصرار وكاميرا يستعيرها من صديق اخر كل يوم .



حاورته رغدة جمال
5 يناير 2012




-  كيف كانت بدايتك مع التصوير أثناء الثورة اليمنية ؟

أنا في الساحة منذ الايام الأولى لقيام الثورة. أعتدت أن أقوم بتصوير الشباب بمجرد أن أرائهم يقومون إعتصاما، وحتى من قبل إنطلاق الثورة أعتدت تصوير المسيرات التي كان يخرجها أبناء الجعاشن.  بدأت التصوير بإستخدام  الهاتف المحمول، ثم أنتقلت لإستخدام الكاميرا.
 

-  ما أكثر ما تحب تصويره في ساحة التغيير ؟
أركز دائماً على الاشياء الجميلة والتى تعكس الصورة الطيبة للشباب. لأن من جاءوا الى الساحة هم من خيرة الشباب، أفضل شباب اليمن خُلقا  الذي أعتز بصداقتهم جداً مهما كانت إنتمائتهم.


-  الا تعتبر التركيز على الاشياء الجميلة في الثورة اليمينة؛ مخالفاً لمبدأ الحياد الصحفي؟
أنا في الأصل ثائر، قبل أن أكون محايداً. الا إني كمصور يمني أياً كان توجهي أو إنتمائي، يجب عليّ إبرازالشباب اليمني في أفضل صورة. هناك أشياء تعكس صورة سلبية علينا نحن اليمنيين بشكل عام، مثلاً شخص مخزن القات بالجهتين ، أو مثلاً حين يتشاجر اثنان داخل الساحة.. مثل كهذا صور قد تنقل صور سلبية لشباب بلادي لذا فضميري يحتم عليّ عدم إلتقاط  مثل كهذا صور.


- اذاً نستطيع القول إن عدسة محمد العماد تدعو الى الصلح داخل الساحة؟
لقد خرجنا معاً للثورة؛ ولا يمكن أن نستغني عن بعضنا البعض. يجب علينا أن ننظر الى الغد بنظرة تفاؤل وبناء للمستقبل .. معاً يدي بيدك لننجز اليمن الجديد والدولة المدنية التي نريدها جميعاً.  جميعنا خرجنا لنخدم ونبني بلدنا . يكفينا ما عانيناه من الوساطة والمحسوبية، ويكفينا من هذه الثورة أنها أظهرت الشباب المبدع فينا !

- كفنان، هل غيرتك هذه الثورة ؟
بشكل جذري . أولاً دعيني أقل لك أن تجربة  مسيرة الحياة بحد ذاتها تغيّر الشخص فما بالك بالثورة ككل .
رؤيتي للشعب اليمني يخرج بأطفاله ونسائه ورجاله اعادت لنا الشعور بالحب لبعضنا البعض. مسيرة الحياة أكدت على كرهنا للمناطقية والسفاسف التي يحاول النظام زرعها فينا . وأثبتت أننا شعب عظيم، شعب يحب بعضه البعض ويتوق للحرية.
صحيح أن سلميتنا بالرغم من امتلاكنا للسلاح قد اثبتت رقينا ؛ الا أني لم أكن أتخيل أن أرى رقي هذا الشعب مجسداً كما رأيته أثناء مسيرة الحياة.

- ما الشعور الذي يخالجك لحظة إلتقاط صور شباب الثورة؟
كوني أكشف هذه الحقائق أشعر أني أقدم شي جميلاً جدا لوطني . أنا أحاول إيصال حقيقة غائبة عن أنظار العالم، أحاول إيصال الصورة الجميلة والحقيقية للمجتمع الدولي عن اليمنيين وليس الصورة المشوهة التي أوصلها النظام لهم عنا بأننا شعب همجي ومسلح لا ينتمي لأي حضارة كانت.
الان نحن نقدم لهم حقيقة الشعب اليمني، الشعب الراقي والكريم.  شعب يحب بعضه البعض، والدليل حين يصاب أحدهم في مسيرة ما، تجد العشرات يتوافدون حوله لحمله وإنقاذه.

- محمد انت المصوريين الذي اعتادوا تصوير الشهداء ؛ حدثني عن إحساسك وأنت ترى من خرج يمشي معك بداية المسيرة، وهو ميت في منتصفها أو أخرها.

شعور لا يوصف .. حين اُستشهد الزميل جمال الشرعبي يوم جمعة الكرامة كنا معاً في بداية اليوم، وهو من دعاني للخروج معه للتصوير ذلك اليوم.
كان يوم لا ينسى ، أكثرمن عشرة شهداء قمت بتصويرهم وهم يستشهدون أمامي . إخترقت الرصاصة عيني الطفل سليم أمامي. كنت أصورهم فيديو لأني لم أستطع نفسياً وقتها أن أوثق ما يحدث فوتغرافياً . أتذكر أني يومها اتصلت لوالدتي وأنا أبكي من هول ما رأيت .
عزاءنا الوحيد لمثل هكذا أيام أن هذا ثمن الحرية .

- الى هذه اللحظة .. ما أكثر صورة تفتخر أنك وثقتها لتاريخ الثورة اليمنية ؟
هناك العديد من الصور التي التقطتها والتي لها مكانة غالية في قلبي . إحداها صورة جمعت الثلاثة الشيخ صادق الأحمر مع الدكتور ياسين سعيد نعمان وعلي عشال في صورة حوارية تمثل المجلس الإنتقالي  يوم إعلانه. هناك أيضاً صورة التقطتها لطفل يحمل لوحة مكتوب فيها (أرحل قبل غروب الشمس حتى يتوظف أبي )

-          هل حدث أن نشرت صور التقطتها عدستك في وسائل اعلام دون الاشارة إلى مصدرها، وكيف تتعامل إزاء ذلك؟
بمجرد ما أقوم بتحميل الصور في صفحتي الشخصية ، الكثير من القنوات والجروبات تقوم بنشرها فوراً والبعض ينشرها بدون اسم وهذا ما أعاني منه وأعتقد يعاني منه أغلب المصورين . صحيح أن ما يحدث يضايقني قليلاً الا أني لم اخرج للساحة  من أجل مكسب شهرة أو مكسب مادي. مكسبي الحقيقي هو أن افيد الثورة بأي شكل من الأشكال.
هناك من مات من أجل تراب هذا الوطن لذا لن أتذمر حول حقوق صورة هي أقل ما يمكن أن أقدمه لهذا الوطن.


- ما الذي ستحكيه لاطفالك - بعد عدة سنوات- حين يشاهدون هذه الصور ؟
سأقول لهم بأن جيل والدهم أستطاع أن يخدم بلده ويقوم بثورة إستثنائية. سأخبرهم كيف أننا أستطعنا تحقيق مالم يستطيع من قبلنا القيام به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق